الجرعة القاتلة : بقلم / عبد المجيد سجال
مجموعتين من الشباب ، واحدة كانت تعيش على هضبة و عرفت منذ نعومة اظافرها ببمارسة الرياضة و العدو و تعودت على المرتفعات و نقص الاكسجين ، فعمل ذلك على أن تتوسع رئة كل واحد فيهم و أن يشتد ساعدهم و بالتالي إمتلكوا قلبا قويا في ضخ الدماء . تميزت أجسامهم بالبساطة و صلابة العضلات .
و المجموعة الثانية كانت تعيش أسفل الهضبة أهملت ممارسة الرياضة و أهتمت فقط بالأكل و النوم فامتازوا ببدانة شديدة و كتل دهنية غلفت شرايينهم و أضعفت قلوبهم ، كانوا يظنون أن البدانة رمزا للقوة و الجبروت رغم أنها لم تكن سوى شحوم و دهون .
تزوج الشباب كلهم و مرت السنوات ، و تمرس شباب الهضبة في الرياضة إلى أن شاخوا ، بينما زاد بدانة شباب السهل إلى أن شاخوا ، حينها و بسبب السن شعر الجميع بأن خصوبتهم قد ضعفت قليلا و ما عادوا يمكلون القدرة على إفراح زوجاتهم و سبب لهم ذلك الأمر حرجا كبيرا أمامهن .
مع إستمرار الوضع و الحرج ، و إستمرار تذمر النساء و إضرابهن ، إكتشف شباب الهضبة عقارا يدعى الفياجرا ، كانت تجربته مفيدة و فعالة جدا خصوصا أنهم يملكون تاريخا في الرياضة و قلبا ملائم للعقار ، هذا الأمر عاد بالفائدة عليهم و على نسائهم و حقق إستقرارا في بيوتهم لافتا للإنتباه .
شيوخ الجنوب و في غياب الحيلة سمعوا بهذا العقار السحري الذي يدعى الفياجرا "
و سارعوا إلى إقتنائه كما هو دون فحص مسبق ، المهم أن يرفعوا رؤوسهم أمام زوجاتهم ، و ياليتهم ما فعلوا ، كانت قلوبهم ضعيفة و لم تتحمل قوة العقار ، فسقط بعضهم مغشيا عليه ، بينما شُّل البعض الآخر ، و الكارثة كانت كبرى عند البعض و تسببت في موتهم بسكتة قلبية جراء جرعة زائدة .
هكذا هم العرب ، تعودوا على الديكتاتورية لسنين طوال ، و لما سخطت الشعوب ، جربوا جرعة زائدة من " الديموقراطية المفاجئة " كانت قاتلة ، و مُشِلّة للبعض و مدمرة للبعض الأخر ، شعوب لم تتعود على الرأي و الرأي الآخر ، و لم تتعود على الإختلاف ، و لم تفهم معنى حرية التعبير ، و متى و كيف تتظاهر ، و لم تعرف أن التغيير يحتاج إلى الصبر ، كلها عوامل جعلت بعضهم يترحمون على أيام الديكتاتورية ـ و البعض الآخر يركب الموجة و البعض يهرب بجلده ،
أليست الديموقراطية جرعة لا تصلح لكل مريض و لكل جسد ؟
~ عبد المجيد سجال ~ تجاعيد الحياة ~