الثلاثاء، 25 ديسمبر 2012


~ التخمة التاريخية ~
لكل أمة تاريخ و لكل تاريخ أمجاد يُحتفى بها و يُفتخر ، لكن بعض الأمم التي يزخر تاريخها بالبطولات قد تتكاسل في صنع تاريخ مجيد كالذي صنعه أجدادها ، و تكتفي بالإفتخار و الإحتفال و سرد الحكايا و النوادر و الأشعار التي تتغنى بالسلف ، فماذا عن الخلف ؟

الخلف هنا يكون قد شعر بتخمة تاريخية و بالتالي لا محفز لصنع التاريخ و نهج نفس السبيل و مواصلة نفس الرسالة التي خطها السلف المجيد ، خصوصا نحن العرب بطوننا إمتلأت بالأمجاد و الغزوات و الإنتصارات و البطولات و الثورات و الإكتشافات ، كيف لا و نحن من بنى مجد الأندلس ، كيف لا و نحن من إكتشف الصفر ، كيف لا و نحن من نشر الإسلام ، كيف لا ونحن من أسس الطب و الجراحة ، كيف لا و نحن من حارب الإستعمار ، كيف لا و نحن أرض الشهداء ، كيف لا و نحن من هزمنا ألمانيا في كأس العالم ، كيف لا و نحن من راوغ لاعبنا لاعبا أوروبيا ، كيف و كيف ، و كيف لا نتغنى بكل هذا و لا نحتفل و لا نفتخر ، و في غمرة الفرح يتبادر لنا السؤال : ماذا قدمنا نحن و ماذا سنقدم و ماذا سنترك لأحفادنا ليتغنوا به ؟ هل سيترحم علينا أحفادنا أم سيلعنوننا ؟ هل سيفتخرون بنا أم سيحتقروننا ؟ هل سيذكروننا أم سينكروننا ؟ هل سيرحموننا أم سينحروننا ؟

في غمرة هذا و ذاك ، نجد بعض الأمم الجائعة تاريخيا تسعى لكتابة تاريخها و لإشباع جوعها التاريخي ، بصناعة الحضارة و شق دروب النهضة و حفر أسس النجاح ، تلك أمم لم تجد ما تفتخر به ففكرت فأحفادها و شعورهم و قالت : أبدا لن أترك أحفادي من دون تاريخ ، أبدا لن أتركهم دون شيء يفتخرون به ، أبدا لن أتركهم يُحرجون يوم أصحاب التاريخ يلتقون و بأمجادهم يحتفون .

التاريخ المجيد لابد أن يكون حافزا و ليس مكبحا ، لابد أن يكون فاتحا للشهية لا وجبة دسمة ، بين التخمة التاريخية و بين الجوع التاريخي تطمس حضارات و تظهر أخرى .

~ عبد المجيد سجال ~ تجاعيد الحياة ~

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق