الأربعاء، 5 ديسمبر 2012


الجرعة القاتلة : بقلم / عبد المجيد سجال


مجموعتين من الشباب ، واحدة كانت تعيش على هضبة و عرفت منذ نعومة اظافرها ببمارسة الرياضة و العدو و تعودت على المرتفعات و نقص الاكسجين ، فعمل ذلك على أن تتوسع رئة كل واحد فيهم و أن يشتد ساعدهم و بالتالي إمتلكوا قلبا قويا في ضخ الدماء . تميزت أجسامهم بالبساطة و صلابة العضلات .

و المجموعة الثانية كانت تعيش أسفل الهضبة أهملت ممارسة الرياضة و أهتمت فقط بالأكل و النوم فامتازوا ببدانة شديدة و كتل دهنية غلفت شرايينهم و أضعفت قلوبهم ، كانوا يظنون أن البدانة رمزا للقوة و الجبروت رغم أنها لم تكن سوى شحوم و دهون .

تزوج الشباب كلهم و مرت السنوات ، و تمرس شباب الهضبة في الرياضة إلى أن شاخوا ، بينما زاد بدانة شباب السهل إلى أن شاخوا ، حينها و بسبب السن شعر الجميع بأن خصوبتهم قد ضعفت قليلا و ما عادوا يمكلون القدرة على إفراح زوجاتهم و سبب لهم ذلك الأمر حرجا كبيرا أمامهن .

مع إستمرار الوضع و الحرج ، و إستمرار تذمر النساء و إضرابهن ، إكتشف شباب الهضبة عقارا يدعى الفياجرا ، كانت تجربته مفيدة و فعالة جدا خصوصا أنهم يملكون تاريخا في الرياضة و قلبا ملائم للعقار ، هذا الأمر عاد بالفائدة عليهم و على نسائهم و حقق إستقرارا في بيوتهم لافتا للإنتباه .
شيوخ الجنوب و في غياب الحيلة سمعوا بهذا العقار السحري الذي يدعى الفياجرا "
و سارعوا إلى إقتنائه كما هو دون فحص مسبق ، المهم أن يرفعوا رؤوسهم أمام زوجاتهم ، و ياليتهم ما فعلوا ، كانت قلوبهم ضعيفة و لم تتحمل قوة العقار ، فسقط بعضهم مغشيا عليه ، بينما شُّل البعض الآخر ، و الكارثة كانت كبرى عند البعض و تسببت في موتهم بسكتة قلبية جراء جرعة زائدة .

هكذا هم العرب ، تعودوا على الديكتاتورية لسنين طوال ، و لما سخطت الشعوب ، جربوا جرعة زائدة من " الديموقراطية المفاجئة " كانت قاتلة ، و مُشِلّة للبعض و مدمرة للبعض الأخر ، شعوب لم تتعود على الرأي و الرأي الآخر ، و لم تتعود على الإختلاف ، و لم تفهم معنى حرية التعبير ، و متى و كيف تتظاهر ، و لم تعرف أن التغيير يحتاج إلى الصبر ، كلها عوامل جعلت بعضهم يترحمون على أيام الديكتاتورية ـ و البعض الآخر يركب الموجة و البعض يهرب بجلده ،

أليست الديموقراطية جرعة لا تصلح لكل مريض و لكل جسد ؟

~ عبد المجيد سجال ~ تجاعيد الحياة ~


هناك تعليقان (2):

  1. هذا واقع مرير تتجرعه الشعوب العربية...فهي لم تسع لحل مشكلتهامن الجذور ،بل إكتفت بالحلول السطحية،ولو استمرت على هاته الحالة ،فسييكون مصيرها كمصير أهل السهل ...مقالك رائع ومعبّر ،وسلس جدا ،وهو كباقي كتاباتك الرائئعة ...بوركت أناملك

    ردحذف